أكد وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية نايف العجمي، ان مؤتمر «السابقون الأولون ومكانتهم لدى المسلمين» في نسخته الثالثة يسعى الى ان يحقق مجموعة من الاهداف، منها: ابراز دور وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت في نشر تراث الآل والأصحاب، وتعزيز ثقافة التسامح والتعايش على هدي الآل والأصحاب ومن خلال تراثهم، والتعرف بمآثرهم ومناقبهم وأدوارهم الحضارية، وإيضاح المنهج الوسطي في التعامل من النصوص المتعلقة بالآل والأصحاب.
وقال العجمي في افتتاح المؤتمر صباح أمس في فندق الشيراتون ممثلاً عن راعي المؤتمر سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، ان «أهم ما نريده من مؤتمركم الكريم أن نستنبط مجموعة من القيم الهادية للأمة اليوم في بحرها المتلاطم من الأزمات والصراعات والضغائن، وإذا كان الخلفاء الراشدون قد تمكنوا من محاصرة شرارة الفتن والتمزق والتناحر في حدودها الضيقة، فكيف السبيل اليوم إلى اكتساب القدرات النفسية والاخلاقية والاجتماعية نفسها الكفيلة بمحاصرة ما يشاهده العالم اليوم من فتن بين المسلمين واتهام كل طرف للآخر، والقضاء على ثقافة التعصب والتحزب والطائفية».
وأوضح العجمي «ان الجيل الحاضر من المسلمين يتحمل مسؤولية دينية وحضارية جسيمة تجاه الأجيال المقبلة من الناشئة والشباب هي مسؤولية تقتضي بأن يسهم العقلاء في رسم منهج متوازن في التعامل مع تراث الآل والأصحاب، لأن التحديات المقبلة هي تحديات وجود، ومن شأن الأفكار السلبية أن تضعف وجود الأمة وحضورها الإقليمي والعالمي في ميادين القيم والعطاء الحضاري»، مؤكدا ان «مجتمعاتنا متشوقة إلى من ينير لها سبيل الرشاد والأمل معقود على مؤتمركم الكريم هذا ليخرج بنتائج وتوصيات قابلة لأن تترجم في شكل مشاريع وبرامج تسهم في وحدة الأمة واجتماع أهل العقيدة على اختلاف فئاتهم، وتنزع كل ما يثير العداوة والبغضاء ويؤجج الفتن بين المسلمين، لتنعم الأمة بجيل قادر على النهوض بمهامة في جو من التعاون والتعايش والتفاهم، وإننا لندرك جلل المهمة وعمق المسؤولية، لكن الواجب الديني يفرض الحسم في هذه القضايا التي اصبحت في ظل غياب القول المتوازن فيها مغذية للفرقة والتمزق، ومهددة استقرار الوحدة الوطنية والأمن المجتمعي في البلاد العربية والإسلامية».
وقال العجمي «تشرفت نيابة عن صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير البلاد حفظه الله ورعاه بإلقاء هذه الكلمة بين يدي افتتاح مؤتمركم الكريم، وإذا كانت المؤتمرات تشرف بشرف موضوعاتها، فإن مؤتمركم الكريم يتمتع بشرف خاص يتعلق بموضوعه وتوقيته، ذلك لأنه يتناول موضوعاً جديراً بالبسط والمعالجة، كما أنه يأتي في سياق تحولات واضطرابات مست الأساس الفكري والثقافي للعقل العربي المسلم، وأحدثت فوضى في النظر والاستنباط، وسببت مزيداً من الاحتدام والصراع والتنابذ بين المذاهب والطوائف والأديان.
وأضاف أن «ديننا الحنيف علمنا أن الرد إلى الله والرسول صل الله عليه وسلم في لحظات الأزمات والفتن شرط في سلامة التوجه وحسن القصد، وما اجتماعكم اليوم ضمن فعاليات المؤتمر المبارك خطوة في هذا الاتجاه، داعين المولى عز وجل أن يكلل الجهود بالنجاح، وان تصاغ على ضوء منارات عقولكم وسديد افهامكم خطط وبرامج ورؤى وتوصيات تعين بعد توفيق الله في حفظ الأمة من التشرذم والفرقة والضياع».
وأشار إلى أنه من ثاقب نظر أمير دولة الكويت حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، أن يتكرم برعايته الأبوية الكريمة لهذا المؤتمر، لإيمانه بأهمية الموضوع في الوقت الراهن، وبهذه المناسبة نتوجه بالشكر الجزيل إلى حضرة صاحب السمو على رعايته الكريمة، والشكر موصول إلى علمائنا الكرام وضيوفنا الأعزاء الذين عانوا مشاق السفر ولبوا الدعوة، كما نتقدم بالشكر الجزيل إلى جميع اللجان العاملة على تنظيم فعاليات هذا المؤتمر لجهودها العلمية والتنظيمية.
ومن جانبه، قال وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور عادل الفلاح إن اختيار المؤتمر شعار «عصر الخلافة الراشدة: القيم الفكرية والحضارية» عنواناً لفعالياته، لهو دليل على ان الصورة الواقعية للأمة في تعاملها مع موضوع الآل والأصحاب هي مناقضة للصورة المشرقة في عصر الخلافة الراشدة، ما يجعلنا أمام أعمال وجهود فكرية وثقافية وتربوية ونفسية وسياسية تستهدف منطق التخلي والتحلي، التخلي عن الثقافة التي تروج للتباعد والصراع بين المسلمين ولا تحافظ على روح التقدير والاحترام للآل والأصحاب، والتحلي بالثقافة التي تعزز رؤية القرآن الكريم إلى ذلك الجيل القدوة، والتي تؤسس لعلاقات أخوية وإنسانية صادقة تغلب قيم الوحدة وتدفع بالتي هي أحسن لتحظى برضى الله في قوله تعالى (رضي الله عنهم ورضوا عنه)، وهي الصورة التي نتطلع إلى أن يجليها مؤتمركم الموقر، ويرصد أسبابها والعوامل التي ساعدت على تحقيقها.
وأكد الفلاح ان التاريخ حافز من حوافز الانطلاق نحو المستقبل، وهذا دين الأمم الطموحة، أما أن يتحول التاريخ إلى مغذ لفتنة التشرذم والفرقة والتراشق بالأوصاف والاتهامات والأخطاء، فإنه يحول العلاقة بين المسلمين وتاريخهم إلى عائق يضعف الطاقات الحيوية المكنوزة لدى الشباب، وقد يوجهها في اتجاه تدميري لا تحمد عقباه، وهذا يستدعي من جميع المؤسسات والمعاهد التي تعنى بالتربية والثقافة أن تضع لها خططاً استراتيجية وتجدد في خطابها بما من شأنه أن يضع جيل اليوم وأجيال الغد على سكة القيم الداعمة للتآزر والوحدة الفكرية والوطنية.
وأشار إلى أن المؤتمر ينتظر منا أن نولي موضوع التوصيات أهميته القصوى، وأن تتهيأ لها طاقات فعالة تتابع تنفيذها باجتهاد دائب وعمل متواصل، لأن المرحلة تقتضي تحويل النظريات والأحلام والمثاليات إلى واقع ملموس يتحرك في الحاضن التربوية وفي الأسرة وفي المعاهد والمدارس والجامعات وفي الحياة العامة، وفي الحياة السياسية والتشريعية، وألا يقتصر على النخب العلمية والفكرية.
وتابع الفلاح «لم تكن الخطة الاستراتيجية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت لتغفل موضوع البحث في سبل تخليص عصر الصحابة الأجلاء والخلفاء الراشدين من تعسفات التأويل، ومنطق التجني، وذلك إيماناً منها بأن الوحدة الواجبة بنص القرآن الكريم مشروطة بتجفيف ينابيع التأويل والتعسف في حق تلك المرحلة المباركة من تاريخ المسلمين، وفي هذا السياق فقد نظمت مؤتمرين سابقين في الموضوع، واليوم اجتمعت أسباب عقد الدورة الثالثة منه بإذن الله، وإنه لشرف عظيم للوزارة أن يعقد هذا المؤتمر تحت الرعاية الكريمة لصاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، وبهذه المناسبة نتقدم إلى أمير دولة الكويت بخالص الشكر وعظيم الامتنان على رعايته المتواصلة لعمل الوزارة ومشاريعها.
ومن جانبه، قال الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله التركي، ويسرني ان استفتح هذه الكلمة بالشكر والتقدير لصاحب السمو الأمير صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت، على رعايته الكريمة لهذا المؤتمر وعلى ما يبذل من جهود في خدمة الإسلام والمسلمين وأشكر لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومعالي وزيرها الأخ نايف العجمي، ولمبرة الآل والأصحاب، ورئيسها الأخ عبدالمحسن الخرافي، على جهودهم وتعاونهم مع رابطة العالم الإسلامي.
وبين ان التاريخ يذكرنا بأن الطائفية لا تنتشر إلا في حال ضعف المسلمين وبعدهم عن دينهم الصحيح، الذي كان عليه صحابة نبيهم (صلى الله عليه وسلم) والصالحون ممن تبعهم بإحسان، ولهذا فإن على الأمة أن تجتمع على أصول الإسلام وأركان الإيمان، وقواعد الشريعة، وبذلك تتهيأ الأجواء لإقامة تعاون في مختلف المجالات، ويظهر المسلمون في أعين غيرهم بمظهر حسن، يساعدهم على أداء رسالتهم بطريقة حضارية تجيد التعامل مع معطيات العصر ووسائله وقضاياه.
الراي : 12/03/2014